
لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالكريم الخضير
-
مُقدِّمة الشارح
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه ، وصفيه من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فبينَ أيدِينا كتابُ الباعثِ الحثيثِ إلى اختصار علوم الحديث للحافظ أبي الفداء ابن كثير الله، وهو كتابٌ يُعنَى بعلوم الحديث، وعلم الحديث - كما لا يخفى - من أهم العلوم ،وأنفعها لا سيما وهو يتعلق بالمصدر الثاني من مصادر التشريع الذي السُّنَّةُ المطهرة، وقد ذكر الحافظ ابنُ في مُقدِّمَةِ نُزهة النظرِ» (٢) أنَّ أوَّلَ ما كُتِبَ في هذا العِلْمِ هو كتابُ المُحدِّثِ الفاصِل لأبي محمد الحسنِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ خلاد رحمه الله
الرَّامَهُرْ مُزِي ) ، الذي جمع أكبر قدر من علومِ الحديث في وقته، وكانت الحديثِ قبله مبثوثة في مؤلَّفاتِ المُتقدِّمينَ، ثم جاء بعده الحاكم (۲) فصنف كتابه «معرفة علوم الحديثِ وهو أوسعُ من كتابِ الرَّامَهُرْمُنِي في عددٍ الأنواع، ثم جاء بعده القاضي عياض (۳) فألف كتابه «الإلماع» (٤) في طرق
التحمل والأداء، وكيفية كتابة الحديث وضبطه، وهو كتاب نافع في بابه.
(0)
ثم جاء ابن الصلاح ) فجمعَ في مقدمته علوم الحديث: ما تفرق من شَتاتِ هذا الفن في هذه الكتب وفي غيرها من مُؤلَّفاتِ الخطيب (٦) الذي لا
يكاد يخلو فن ونوع من أنواع علوم الحديث إلا وقد كتب فيه كتابًا مُستقِلًا؛ حتى قالَ ابنُ نقطة ) : لا شبهة عند كل لبيب أن المتأخرين من أصحاب الحديث عيال على أبي بكر الخطيب (۳).
وقد اعتنى من جاءَ بعدَ ابنِ الصلاح بكتابه، حتى قال الحافظ ابن حجر الله : الا يُحصَى كمْ ناظم له ومختصر، ومُستدرك عليه ومُنتصِرٍ .... إلى آخر كلامه (۳). وقدِ اختصرَه النووي (٤) في كتاب «الإرشاد»، ثم اختصر من الإرشاد التقريب ) ، واختصره أيضًا الحافظ ابن كثير في الكتاب الذي نَشرحه وهو «اختصارُ علوم الحديثِ. ونظمه الحافظ العراقي(٦) في «ألفيَّته» الشهيرة، ونظمه كذلك الخُوَييُّ ( ) في منظومة تبلغ ألفًا وخمسمائة
بيت(١)، لكنها لم تبلغ مبلغَ الألفية العراقية جودة ولم تُدانها، وللسيوطي (٢) - أيضًا - ألفيةٌ في هذا الفنّ أصلها «ألفية العراقي»، وكثير
من أنصاف أبياتها مأخوذ بحروفهِ مِن ألفية العراقي»، ولهذا يقول فيها :
واقرأ كتابًا تَدْرِ منه الاصطلاح كهذه وأصلها وابن الصلاح (۳) يقصد بأصلها «ألفيَّةَ العراقي».
وما زال التأليف والتصنيفُ في علوم الحديثِ مستمرًا إلى وقتنا الحاضر، فلجمال الدين القاسمي (٤) كتاب جيد في هذا الباب اسمه «قواعد التَّحدِيثِ)، وللشيخ طاهر الجزائري (٥) كتاب نفيس لخص فيه كثيرًا مِنَ الكتب التي تمن إلى هذا العلم بصلة، اسمه «توجيه النظرِ».
شرح اختصار علوم الحديثِ واشْتَهَرَ الكتاب وذاع صيته
باسم : الباعث الحثيث، مع أن صديق حسن خان أشار في كتابه: «أبجد العلوم في موضعين إلى نسبة الكتاب للحافظ ابن كثير باسم الباعث الحثيث (۲) .